يونيو 2010:
أحمد حسين
--------------------------------------------------------------------------------
انتقادات كثيرة كانت قد رافقت مسيرة كارلوس كايتانو بليدورن فيري أو «دونغا» المولود في 31 أكتوبر 1963 من أصول ألمانية وإيطالية، منذ أن تم تعيينه مدربا خلفا لكارلوس ألبرتو باريرا بعد مونديال 2006، لأنه أظهر في بادئ الأمر اختلافا كبيرا في العقلية، ما اعتبر تشويها صريحا لتقاليد المدرسة البرازيلية العريقة .
وبعد لقبي «كوبا أميركا» وكأس القارات وصدارة التصفيات والعودة لقمة التصنيف العالمي هدأت العاصفة، ويمكن القول إن ثبات دونغا واستقراره في الخيارات والأسلوب، أوصلت عناصر المنتخب البرازيلي لمرحلة هضم كاملة، وهو ما يعد نقطة الثقل في العملية .
إيجابيات دونغا لا تتوقف عند هذا الحد، بل تبتعد بالنظر لنوعية العناصر الجديدة التي أضافت الكثير من الصلابة والتماسك، فقد جلب إيلانو، فيليبي ميلو، راميريس، كليبر، سانتوس وأندرسون، أعاد كليبرسون ووضع ثقته بلويس فابيانو بعدما أعطى الفرصة كاملة لفاغنر لاف، كما نزع صفة النجومية واستبدلها بروح الجماعية، وهو ما ينم عن شخصية قوية برؤية دقيقة وفلسفة واضحة المعالم .
كل ذلك لا يخفي الجوانب السلبية، كما لا يمكن نسيان التحديات الحقيقية، بدءا من معضلة الظهير الأيسر، مرورا بضغط رونالدو، أدريانو، رونالدينيو، دييغو وغرافيتي، جيلبيرتو سيلفا وألكسندر باتو، كل ذلك ضغوط كانت مطروحة على دونغا وجهازه الفني قبل ان يقرر استبعادهم.. لذا فإن المسألة ليست بالصورة السلسة التي يتصورها البعض.المثالية التي يطلبها البرازيليون باقتران النتائج والأداء الخلاب، تبدو بعيدة تماما عن واقع برازيل دونغا، لأنه ورغم توافر العناصر الكفيلة بتحقيق ذلك، تظل منهجية التنظيم والدفاع المحكم هي أساس النجاح كما أنه النمط الذي لطالما احتاجت له الكرة البرازيلية.. والتغيير المفاجئ لن يجلب سوى المتاعب، كما كان الأمر مع باريرا في المونديال الأخير .
تقلص الفوارق بين الصغار والكبار أمر بات غير جديد في عالم كرة القدم الحديثة، فالاختلاف شاسع بين البرازيل وباقي المنتخبات، لكن ذلك يظل كلاما على ورق يمحوه العطاء والحضور على أرض الواقع .
لا تهليل ولا تهويل كما كان الإسبان، بل فتح ملف سريع، عنوانه استعادة المجد الكبير، ومضمونه إجابات عن أسئلة منطقية لرجل زرع المنطقية بسلاح الواقعية وغير في ثلاثة أعوام ما لم تغيره الثقافة البرازيلية عبر تاريخها الطويل .
وخاض دونغا مسيرة رائعة لاعبا بعد تألقه في مركز الارتكاز، خاض خلالها 377 مباراة وسجل 39 هدفا، بين عامي 1980 و2000، قادته بين 10 أندية، بينها ثلاثة أندية إيطالية (بيزا وفيورنتينا وبيسكارا) وشتوتغارت الألماني، إضافة إلى جوبيلو ايواتا الياباني. ولم تقل مسيرته الدولية مع المنتخب البرازيلي تألقا، إذ طالت مسيرته 16 عاما بدأت في 1982 وانتهت في 1998، لعب خلالها 91 مباراة وسجل 6 أهداف، وأسهم في فوز منتخب بلده بكأس العالم عام 1994 وكأس القارات 1997، إضافة إلى عشرات الألقاب مع كل الأندية التي لعب لها، ما صنع منه قائدا طبيعيا، وهذا ما قاده إلى تدريب المنتخب البرازيلي عام 2006 على رغم أنه لم يسبق له أن خاض تجربة التدريب من قبل .
وبدايته مع المنتخب كانت رائعة، إذ حقق الفوز في 4 مباريات من الخمس الأولى، وسرعان ما شبهه المتابعون بالمدرب الفائز بمونديال 2002 فيليب لويس سكولاري، وعلى عكس سلفه كارلوس البرتو بيريرا، فإن دونغا وضع معايير صارمة لكنها كانت عادلة بين جميع اللاعبين الذين يحق لهم تمثيل البرازيل، فلم يعد الاسم الكبير من اللاعبين يضمن له مكانا في تشكيلة دونغا، ولم يعد حجم النادي الذي يلعب له النجم يمثل أي أهمية لدونغا، فقط ما يستطيع اللاعب تقديمه لمنتخب السامبا، وهكذا تنقل دونغا بين كل الدول الأوروبية لمتابعة اللاعبين البرازيليين، إذ وجد لاعبين مثل دانيل كارافاليو وفاغنر لاف ودودو مع سكسا موسكو الروسي، كما أعطى دونغا أهمية بالغة للنجوم المحليين، فحظيت أندية مثل كوريثنيانز وفلامنغو وساو باولو بعديد من الممثلين لهم في المنتخب البرازيلي . ومن بين «الرباعي الساحر» الذي ضم رونالدينيو وادريانو وكاكا ورونالدو، فإن كاكا حافظ على مكانه أساسيا، وحتى رونالدينيو لم يجد هذا المكان في التشكيلة الأخيرة. وعلى رغم اعتبار كثيرين أن تشكيلته كثيرا ما تخلو من النجوم وأفضل من يمثل البرازيل، على غرار تشكيلته الأخيرة للمشاركة في المونديال، إلا أنه دائما ما يخرس أفواه النقد بنتائج إيجابية وبطولات عديدة .
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، حاول دونغا تغيير روح الفريق بالقوة نفسها التي أظهرها خلال مسيرته كلاعب خط وسط مدافع يتميز بالصلابة والإصرار أكثر من المهارة، ونجح دونغا في بناء فريق لا يتميز فيه أي لاعب بأفضلية عن الآخرين بمن في ذلك كاكا أبرز نجوم الفريق .
ويتميز المنتخب البرازيلي تحت قيادة دونغا بأنه متوازن أكثر منه لامعا ومشرقا، فلا يضم الفريق في خط هجومه القوة والمهارة نفسيهما التي كان عليها ثلاثي الراء (رونالدو وريفالدو ورونالدينيو)، الذين قادوا الفريق إلى لقب كأس العالم، 2002 ولكن كاكا وزميليه المهاجمين روبينيو ولويس فابيانو أثبتوا كفاءتهم أيضا، إذ سجل المنتخب البرازيلي 33 هدفا في 18 مباراة خاضها في التصفيات.والأكثر من ذلك أن الدفاع لم يعد نقطة ضعف في المنتخب البرازيلي على عكس ما كان عليه الوضع في البطولات الأولى لكأس العالم .
وكتب عشاق «السيليساو» رسالة لمدرب نجوم السامبا هذا نصها: سيد دونغا:
نكتب اليك باسم الملايين الذين يعشقون المنتخب البرازيلي بحرارة حول هذا العالم من داخل البرازيل وخارجها، وكلنا نشترك في شيء واحد وهو: حب البرازيل بكل ما اوتينا من قوة. اننا نحب البرازيل بكل جنون ونتنافس في هذا الحب على الرغم من ان كثيرا منا من خارج البرازيل، وبات مشجعو السليساو من خارج البرازيل ينافسون البرازيليين في حبهم لهذا المنتخب. لقد أمست البرازيل شغلنا الشاغل، نفرح عندما تفوز ونحزن عندما تخسر، ندافع عنها بكل قوتنا اذا انتقدها من يشجع المنتخبات الاخرى، كثيرا منا يسهر حتى ساعات الصباح الباكرة فقط ليشاهد «السيليساو» لتسعين دقيقة بسبب اختلاف الوقت بين البرازيل وكثير من دول العالم. فرحنا كثيرا عندما شاهدناك تحمل كأس العالم في 1994 وبكينا بحرارة عندما خسرتم في نهائي 1998 وفرحنا من كل ذرة في قلوبنا عندما فازت البرازيل في عام 2002، ثم بكينا من جديد عندما خسرت البرازيل في 2006. سيد دونغا: نتابع المنتخب البرازيلي منذ طفولتنا ونتمنى من كل قلبنا أن يفوز بكأس العالم السادسة في تاريخه، ونحن نؤمن بامكانياتك، وكلنا ثقة ان همك الاول والاخير هو مصلحة المنتخب كمدرب لهذا الفريق، وعهدناك منذ زمن بعيد بأنك تحب البرازيل كلاعب وكمدرب، لذلك نتمنى منك العمل بجد، ونتمنى ان تقود كتيبة نجوم البرازيل كاكا وروبينيو ولوسيو وفابيانو والفيس لتحقيق اللقب السادس» .
" نقلا عن جريدة الأنباء الكويتية "
أحمد حسين
--------------------------------------------------------------------------------
انتقادات كثيرة كانت قد رافقت مسيرة كارلوس كايتانو بليدورن فيري أو «دونغا» المولود في 31 أكتوبر 1963 من أصول ألمانية وإيطالية، منذ أن تم تعيينه مدربا خلفا لكارلوس ألبرتو باريرا بعد مونديال 2006، لأنه أظهر في بادئ الأمر اختلافا كبيرا في العقلية، ما اعتبر تشويها صريحا لتقاليد المدرسة البرازيلية العريقة .
وبعد لقبي «كوبا أميركا» وكأس القارات وصدارة التصفيات والعودة لقمة التصنيف العالمي هدأت العاصفة، ويمكن القول إن ثبات دونغا واستقراره في الخيارات والأسلوب، أوصلت عناصر المنتخب البرازيلي لمرحلة هضم كاملة، وهو ما يعد نقطة الثقل في العملية .
إيجابيات دونغا لا تتوقف عند هذا الحد، بل تبتعد بالنظر لنوعية العناصر الجديدة التي أضافت الكثير من الصلابة والتماسك، فقد جلب إيلانو، فيليبي ميلو، راميريس، كليبر، سانتوس وأندرسون، أعاد كليبرسون ووضع ثقته بلويس فابيانو بعدما أعطى الفرصة كاملة لفاغنر لاف، كما نزع صفة النجومية واستبدلها بروح الجماعية، وهو ما ينم عن شخصية قوية برؤية دقيقة وفلسفة واضحة المعالم .
كل ذلك لا يخفي الجوانب السلبية، كما لا يمكن نسيان التحديات الحقيقية، بدءا من معضلة الظهير الأيسر، مرورا بضغط رونالدو، أدريانو، رونالدينيو، دييغو وغرافيتي، جيلبيرتو سيلفا وألكسندر باتو، كل ذلك ضغوط كانت مطروحة على دونغا وجهازه الفني قبل ان يقرر استبعادهم.. لذا فإن المسألة ليست بالصورة السلسة التي يتصورها البعض.المثالية التي يطلبها البرازيليون باقتران النتائج والأداء الخلاب، تبدو بعيدة تماما عن واقع برازيل دونغا، لأنه ورغم توافر العناصر الكفيلة بتحقيق ذلك، تظل منهجية التنظيم والدفاع المحكم هي أساس النجاح كما أنه النمط الذي لطالما احتاجت له الكرة البرازيلية.. والتغيير المفاجئ لن يجلب سوى المتاعب، كما كان الأمر مع باريرا في المونديال الأخير .
تقلص الفوارق بين الصغار والكبار أمر بات غير جديد في عالم كرة القدم الحديثة، فالاختلاف شاسع بين البرازيل وباقي المنتخبات، لكن ذلك يظل كلاما على ورق يمحوه العطاء والحضور على أرض الواقع .
لا تهليل ولا تهويل كما كان الإسبان، بل فتح ملف سريع، عنوانه استعادة المجد الكبير، ومضمونه إجابات عن أسئلة منطقية لرجل زرع المنطقية بسلاح الواقعية وغير في ثلاثة أعوام ما لم تغيره الثقافة البرازيلية عبر تاريخها الطويل .
وخاض دونغا مسيرة رائعة لاعبا بعد تألقه في مركز الارتكاز، خاض خلالها 377 مباراة وسجل 39 هدفا، بين عامي 1980 و2000، قادته بين 10 أندية، بينها ثلاثة أندية إيطالية (بيزا وفيورنتينا وبيسكارا) وشتوتغارت الألماني، إضافة إلى جوبيلو ايواتا الياباني. ولم تقل مسيرته الدولية مع المنتخب البرازيلي تألقا، إذ طالت مسيرته 16 عاما بدأت في 1982 وانتهت في 1998، لعب خلالها 91 مباراة وسجل 6 أهداف، وأسهم في فوز منتخب بلده بكأس العالم عام 1994 وكأس القارات 1997، إضافة إلى عشرات الألقاب مع كل الأندية التي لعب لها، ما صنع منه قائدا طبيعيا، وهذا ما قاده إلى تدريب المنتخب البرازيلي عام 2006 على رغم أنه لم يسبق له أن خاض تجربة التدريب من قبل .
وبدايته مع المنتخب كانت رائعة، إذ حقق الفوز في 4 مباريات من الخمس الأولى، وسرعان ما شبهه المتابعون بالمدرب الفائز بمونديال 2002 فيليب لويس سكولاري، وعلى عكس سلفه كارلوس البرتو بيريرا، فإن دونغا وضع معايير صارمة لكنها كانت عادلة بين جميع اللاعبين الذين يحق لهم تمثيل البرازيل، فلم يعد الاسم الكبير من اللاعبين يضمن له مكانا في تشكيلة دونغا، ولم يعد حجم النادي الذي يلعب له النجم يمثل أي أهمية لدونغا، فقط ما يستطيع اللاعب تقديمه لمنتخب السامبا، وهكذا تنقل دونغا بين كل الدول الأوروبية لمتابعة اللاعبين البرازيليين، إذ وجد لاعبين مثل دانيل كارافاليو وفاغنر لاف ودودو مع سكسا موسكو الروسي، كما أعطى دونغا أهمية بالغة للنجوم المحليين، فحظيت أندية مثل كوريثنيانز وفلامنغو وساو باولو بعديد من الممثلين لهم في المنتخب البرازيلي . ومن بين «الرباعي الساحر» الذي ضم رونالدينيو وادريانو وكاكا ورونالدو، فإن كاكا حافظ على مكانه أساسيا، وحتى رونالدينيو لم يجد هذا المكان في التشكيلة الأخيرة. وعلى رغم اعتبار كثيرين أن تشكيلته كثيرا ما تخلو من النجوم وأفضل من يمثل البرازيل، على غرار تشكيلته الأخيرة للمشاركة في المونديال، إلا أنه دائما ما يخرس أفواه النقد بنتائج إيجابية وبطولات عديدة .
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، حاول دونغا تغيير روح الفريق بالقوة نفسها التي أظهرها خلال مسيرته كلاعب خط وسط مدافع يتميز بالصلابة والإصرار أكثر من المهارة، ونجح دونغا في بناء فريق لا يتميز فيه أي لاعب بأفضلية عن الآخرين بمن في ذلك كاكا أبرز نجوم الفريق .
ويتميز المنتخب البرازيلي تحت قيادة دونغا بأنه متوازن أكثر منه لامعا ومشرقا، فلا يضم الفريق في خط هجومه القوة والمهارة نفسيهما التي كان عليها ثلاثي الراء (رونالدو وريفالدو ورونالدينيو)، الذين قادوا الفريق إلى لقب كأس العالم، 2002 ولكن كاكا وزميليه المهاجمين روبينيو ولويس فابيانو أثبتوا كفاءتهم أيضا، إذ سجل المنتخب البرازيلي 33 هدفا في 18 مباراة خاضها في التصفيات.والأكثر من ذلك أن الدفاع لم يعد نقطة ضعف في المنتخب البرازيلي على عكس ما كان عليه الوضع في البطولات الأولى لكأس العالم .
وكتب عشاق «السيليساو» رسالة لمدرب نجوم السامبا هذا نصها: سيد دونغا:
نكتب اليك باسم الملايين الذين يعشقون المنتخب البرازيلي بحرارة حول هذا العالم من داخل البرازيل وخارجها، وكلنا نشترك في شيء واحد وهو: حب البرازيل بكل ما اوتينا من قوة. اننا نحب البرازيل بكل جنون ونتنافس في هذا الحب على الرغم من ان كثيرا منا من خارج البرازيل، وبات مشجعو السليساو من خارج البرازيل ينافسون البرازيليين في حبهم لهذا المنتخب. لقد أمست البرازيل شغلنا الشاغل، نفرح عندما تفوز ونحزن عندما تخسر، ندافع عنها بكل قوتنا اذا انتقدها من يشجع المنتخبات الاخرى، كثيرا منا يسهر حتى ساعات الصباح الباكرة فقط ليشاهد «السيليساو» لتسعين دقيقة بسبب اختلاف الوقت بين البرازيل وكثير من دول العالم. فرحنا كثيرا عندما شاهدناك تحمل كأس العالم في 1994 وبكينا بحرارة عندما خسرتم في نهائي 1998 وفرحنا من كل ذرة في قلوبنا عندما فازت البرازيل في عام 2002، ثم بكينا من جديد عندما خسرت البرازيل في 2006. سيد دونغا: نتابع المنتخب البرازيلي منذ طفولتنا ونتمنى من كل قلبنا أن يفوز بكأس العالم السادسة في تاريخه، ونحن نؤمن بامكانياتك، وكلنا ثقة ان همك الاول والاخير هو مصلحة المنتخب كمدرب لهذا الفريق، وعهدناك منذ زمن بعيد بأنك تحب البرازيل كلاعب وكمدرب، لذلك نتمنى منك العمل بجد، ونتمنى ان تقود كتيبة نجوم البرازيل كاكا وروبينيو ولوسيو وفابيانو والفيس لتحقيق اللقب السادس» .
" نقلا عن جريدة الأنباء الكويتية "