حكم النباهنة لعُمان
اجمع المؤرخون العُمانيون على أن حكم بني نبهان في عُمان استمر خمسة قرون، وكان على فترتين، الاولى عرفت بفترة النباهنة الأوائل واستمرت أربعمائة عام، وبدأت بوفاة الأمام أبي جابر موسى بن أبي المعالي موسى بن نجاد عام (549 هـ / 1154م). وانتهت بالقضاء على حكم سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني الملك الشاعر المشهور، ومبايعة محمد بن إسماعيل إماماً لعُمان سنة (906هـ / 1500م). وقد تخللت هذه الفترة غزوات وحروب واجهت بني نبهان من الداخل والخارج، بالإضافة إلى تنصيب ألائمة بين فترة وأخرى
أما الفترة الثانية والتي عرفت بفترة النباهنة المتأخرين فاستمرت من عام (906هـ إلى 1034هـ/ 1500 إلى 1624م) وقد تخللتها أحداث مختلفة منها تنصيب الأئمة، والصراع على السلطة بين بني نبهان أنفسهم من جهة وبينهم وبين بعض القبائل العُمانية الطموحة في الوصول إلى الحكم من جهة ثانية
على أن أهم أحداث تلك الفترة، احتلال البرتغاليين للمنطقة الساحلية من عُمان
يمكن القول بأن نفوذ النباهنة قد أقتصر على المناطق الداخلية في بعض الفترات إلا أنه امتد إلى الساحل في مراحل أخرى كثيرة وفي أحيان أخرى تمكنت بعض القبائل المتمردة على حكم النباهنة من الإنفراد بالساحل بعيدا عن سلطة الدولة
ونظراً لامتداد حكم النباهنة لأكثر من خمسة قرون لذا فقد أطلق على عصرهم عصر النباهنة، وعلى الرغم من أن معظم المؤرخين قد اعتبروا عصرهم عصر جور وظلم لتجاوزهم على حقوق الرعية إلا أن النظرة العلمية المحايدة لا تأخذ بكثير من المسلمات التي افتقدت في مجملها إلى التحقيق العلمي الجاد
ونظراً للصراع الذي دار بين سليمان بن سليمان بن مظفر وبين الأئمة، لذا فقد تمكن النباهنة من استغلال الموقف لصالحهم ومن خلال عدة معارك اتسمت مجملها بالمباغتة تمكن النباهنة من إعادة سلطتهم مرة ثانية
وقد وصف عهدهم بالجبروت، ومع أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين حكم هؤلاء الملوك الذين اسماهم الفقهاء العُمانيون بالجبابرة، وبين الأئمة الشرعيين المنتخبين، وعليه يجب أن لا تؤخذ هذه الأحكام على أنها مسلمات فكما أن هناك المفسد هناك أيضا المصلح فهذا ينطبق أيضاً على ملوك بني نبهان
ويستدل على ذلك بوصف الستالي شاعر ملوك بني نبهان لبعض ملوكهم، حيث أشاد بتواضع وحسن أخلاق الملك النبهاني أبي العرب يعرب بن عمر، الذي عرف عنه حبه للعلم والعلماء، كذلك اثني على السلطان أبي الحسن ذهل بن عمر وهنأه بعودته إلى وطنه بعد أدائه فريضة حج بيت الله الحرام، وخير وصف لحسن أخلاق ملوك بني نبهان وكرمهم وتواضعهم ما ذكره أبن بطوطة عند زيارته لعُمان ومقابلته للملك النبهاني أبي محمد حيث قال فيه:" وعادته أن يجلس خارج باب داره في مجلس هناك، ولا حاجب له ولا وزير، ولا يمنع أحدا من الدخول إليه من غريب أو غيره، ويكرم الضيف على عادة العرب، ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره له أخلاق حسنة"
ومن الثابت تاريخيا أن سليمان بن سليمان النبهاني كانت له صفات أزعجت أهل الحل والعقد منه، مما جعلهم يتجهون إلى اختيار رجل يكون أهل لتولى أمور البلاد فكان اختيارهم لمحمد بن إسماعيل الحاضري فبايعوه إماماً لعُمان( سنة 906 هـ / 1500 م)، وذلك لتوسمهم في شخصه كفاءة واستقامة، هذا عن الأحداث الداخلية التي وقعت في عُمان في عهد النباهنة
أما بشأن علاقة بني نبهان بالقوى الخارجية فقد اتسمت بطابعين متباينين احدهما سلبي والآخر ايجابي أما الجانب السلبي فيتمثل في الغزو الخارجي لعُمان، ذلك أن كثرة التمزق والخلاف بين العُمانيين أدت إلى استهانة أعدائهم بهم، فشنوا عليهم عدة غزوات كان مصدر غالبيتها بلاد فارس فقد ذكر الستالي أن هجوماً قام به الفرس على عُمان في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان ولكن العُمانيين قضوا على ذلك الهجوم
وتروى كتب التاريخ انه في عام (660هـ / 1216م ) وفي عهد الملك النبهاني أبي المعالي كهلان بن نبهان قام محمود بن أحمد الكوشي ملك هرمز بهجوم على عُمان فاستولى على ميناء قلهات، واستدعى أبا المعالي كهلان وطلب منه تحصيل الخراج من العُمانيين وتسليمه إياه، فاعتذر أبو المعالي عن ذلك متعللا بأن عُمان ليست كلها طوع يده فأشار عليه بأن يأخذ قوة من جيشه يجبر بها من لا يدفع الخراج، وعندما رأى أبو المعالي كهلان، إصراره على ذلك اخذ يستلطفه راجياً منه العفو عن أهل عُمان، وذلك لعدم استطاعتهم دفع المبلغ الذي طلبه ، فغضب عليه الملك الهرمزي ، وقرب أمراء البدو العُمانيين الذين وفدوا إلى معسكره ، ملبين دعوته ، فأغدق عليهم هداياه من كساء وأموال وطلب منهم نصرته وتنفيذ ما طالب من أموال فوعدوه بذلك
وعند وصول الملك الهرمزي إلى ظفار، تصدى له أهلها فاستشهد عدد كبير منهم وتمركز جيش الملك الهرمزي في المناطق الساحلية من ظفار حيث قاموا بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسلب ما في أيديهم، وحملت تلك الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق على السفن، وأمر الملك الهرمزي ثلث جيشه بمرافقة هذه السفينة على أن يسبقوه إلى قلهات لكي يجتمع جيشه هناك، أما هو ومن بقى معه من جيشه فتوغلوا إلى الداخل قاصدين داخلية عُمان عن طريق البر
وتشير بعض المصادر العُمانية إلى تعدد علاقات النباهنة بالقوى الخارجية وخصوصا العلاقات السياسية التي بدت أكثر وضوحاً من خلال تبادل الزيارات مع البلاد المجاورة وخصوصاً في منطقة الخليج وشرق أفريقيا وبعض الممالك الآسيوية
ووفقا لرواية الستالي شاعر ملوك بني نبهان الذي أشار إلى علاقات النباهنة بشرق أفريقيا أثناء زيارته إليها ويبدوا أن علاقة حكام النباهنة بالممالك الأفريقية كانت وثيقة لدرجة أنه امتدح ثلاثة من الحكام الأفارقة وهم سبخت بن علي وبختان واسحق بن عمر
وعلى الرغم من كل ذلك فان عصر النباهنة يبقى فترة زمنية لم تكشف كل تفاصيلها بعد إلا أن بعض المعلومات المتناثرة قد قدمت صورة لا بأس بها لطبيعية العلاقات بين النباهنة وشرق أفريقيا
والمعروف أن علاقة عُمان بشرق أفريقيا علاقة قديمة، خاصة العلاقات التجارية بين الطرفين وكان العُمانيون يلجأون إلى هذه المنطقة عندما تجبرهم الظروف على ترك وطنهم سواء كانت تلك الظروف اقتصادية، نتيجة للقحط والأزمات الاقتصادية أو سياسة كلجوء الزعماء والأمراء مثلما حدث لسعيد وسليمان ابني عباد بن عبد بن الجلندى فرارا من اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفي، أو اجتماعية نتيجة للحروب القبلية والثورات التي دفعت بعضهم إلى الفرار إلى شرق أفريقيا خوفاً على حياتهم، ولذا كان استيطان العُمانيين لشرق أفريقيا ظاهرة قديمة ومستديمة
أما علاقة ملوك بني نبهان بشرق أفريقيا، ونزوحهم إليها وإقامتهم مملكة نبهانية في بات فمن المرجح أن يكون هذا الأمر قد تم في عهد الملك النبهاني مظفر بن سليمان بن مظفر بن نبهان أو في عهد ابنه سليمان بن مظفر – والد الملك الشاعر سليمان بن سليمان، الذي رحل عن عُمان بعد إقصائه عن الحكم على يد الملك الهرمزي نورشاه بن لقمة كما سبق القول، ولجأ إلى مملكة بات وتزوج هناك من ابنة ملكها المدعو اسحق ثم انتقل الحكم إليه أما بوفاة والدها المدعو اسحق، أو بتنازل الأخير عن الحكم طواعية لابنته ثم لزوجها
اجمع المؤرخون العُمانيون على أن حكم بني نبهان في عُمان استمر خمسة قرون، وكان على فترتين، الاولى عرفت بفترة النباهنة الأوائل واستمرت أربعمائة عام، وبدأت بوفاة الأمام أبي جابر موسى بن أبي المعالي موسى بن نجاد عام (549 هـ / 1154م). وانتهت بالقضاء على حكم سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني الملك الشاعر المشهور، ومبايعة محمد بن إسماعيل إماماً لعُمان سنة (906هـ / 1500م). وقد تخللت هذه الفترة غزوات وحروب واجهت بني نبهان من الداخل والخارج، بالإضافة إلى تنصيب ألائمة بين فترة وأخرى
أما الفترة الثانية والتي عرفت بفترة النباهنة المتأخرين فاستمرت من عام (906هـ إلى 1034هـ/ 1500 إلى 1624م) وقد تخللتها أحداث مختلفة منها تنصيب الأئمة، والصراع على السلطة بين بني نبهان أنفسهم من جهة وبينهم وبين بعض القبائل العُمانية الطموحة في الوصول إلى الحكم من جهة ثانية
على أن أهم أحداث تلك الفترة، احتلال البرتغاليين للمنطقة الساحلية من عُمان
يمكن القول بأن نفوذ النباهنة قد أقتصر على المناطق الداخلية في بعض الفترات إلا أنه امتد إلى الساحل في مراحل أخرى كثيرة وفي أحيان أخرى تمكنت بعض القبائل المتمردة على حكم النباهنة من الإنفراد بالساحل بعيدا عن سلطة الدولة
ونظراً لامتداد حكم النباهنة لأكثر من خمسة قرون لذا فقد أطلق على عصرهم عصر النباهنة، وعلى الرغم من أن معظم المؤرخين قد اعتبروا عصرهم عصر جور وظلم لتجاوزهم على حقوق الرعية إلا أن النظرة العلمية المحايدة لا تأخذ بكثير من المسلمات التي افتقدت في مجملها إلى التحقيق العلمي الجاد
ونظراً للصراع الذي دار بين سليمان بن سليمان بن مظفر وبين الأئمة، لذا فقد تمكن النباهنة من استغلال الموقف لصالحهم ومن خلال عدة معارك اتسمت مجملها بالمباغتة تمكن النباهنة من إعادة سلطتهم مرة ثانية
وقد وصف عهدهم بالجبروت، ومع أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين حكم هؤلاء الملوك الذين اسماهم الفقهاء العُمانيون بالجبابرة، وبين الأئمة الشرعيين المنتخبين، وعليه يجب أن لا تؤخذ هذه الأحكام على أنها مسلمات فكما أن هناك المفسد هناك أيضا المصلح فهذا ينطبق أيضاً على ملوك بني نبهان
ويستدل على ذلك بوصف الستالي شاعر ملوك بني نبهان لبعض ملوكهم، حيث أشاد بتواضع وحسن أخلاق الملك النبهاني أبي العرب يعرب بن عمر، الذي عرف عنه حبه للعلم والعلماء، كذلك اثني على السلطان أبي الحسن ذهل بن عمر وهنأه بعودته إلى وطنه بعد أدائه فريضة حج بيت الله الحرام، وخير وصف لحسن أخلاق ملوك بني نبهان وكرمهم وتواضعهم ما ذكره أبن بطوطة عند زيارته لعُمان ومقابلته للملك النبهاني أبي محمد حيث قال فيه:" وعادته أن يجلس خارج باب داره في مجلس هناك، ولا حاجب له ولا وزير، ولا يمنع أحدا من الدخول إليه من غريب أو غيره، ويكرم الضيف على عادة العرب، ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره له أخلاق حسنة"
ومن الثابت تاريخيا أن سليمان بن سليمان النبهاني كانت له صفات أزعجت أهل الحل والعقد منه، مما جعلهم يتجهون إلى اختيار رجل يكون أهل لتولى أمور البلاد فكان اختيارهم لمحمد بن إسماعيل الحاضري فبايعوه إماماً لعُمان( سنة 906 هـ / 1500 م)، وذلك لتوسمهم في شخصه كفاءة واستقامة، هذا عن الأحداث الداخلية التي وقعت في عُمان في عهد النباهنة
أما بشأن علاقة بني نبهان بالقوى الخارجية فقد اتسمت بطابعين متباينين احدهما سلبي والآخر ايجابي أما الجانب السلبي فيتمثل في الغزو الخارجي لعُمان، ذلك أن كثرة التمزق والخلاف بين العُمانيين أدت إلى استهانة أعدائهم بهم، فشنوا عليهم عدة غزوات كان مصدر غالبيتها بلاد فارس فقد ذكر الستالي أن هجوماً قام به الفرس على عُمان في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان ولكن العُمانيين قضوا على ذلك الهجوم
وتروى كتب التاريخ انه في عام (660هـ / 1216م ) وفي عهد الملك النبهاني أبي المعالي كهلان بن نبهان قام محمود بن أحمد الكوشي ملك هرمز بهجوم على عُمان فاستولى على ميناء قلهات، واستدعى أبا المعالي كهلان وطلب منه تحصيل الخراج من العُمانيين وتسليمه إياه، فاعتذر أبو المعالي عن ذلك متعللا بأن عُمان ليست كلها طوع يده فأشار عليه بأن يأخذ قوة من جيشه يجبر بها من لا يدفع الخراج، وعندما رأى أبو المعالي كهلان، إصراره على ذلك اخذ يستلطفه راجياً منه العفو عن أهل عُمان، وذلك لعدم استطاعتهم دفع المبلغ الذي طلبه ، فغضب عليه الملك الهرمزي ، وقرب أمراء البدو العُمانيين الذين وفدوا إلى معسكره ، ملبين دعوته ، فأغدق عليهم هداياه من كساء وأموال وطلب منهم نصرته وتنفيذ ما طالب من أموال فوعدوه بذلك
وعند وصول الملك الهرمزي إلى ظفار، تصدى له أهلها فاستشهد عدد كبير منهم وتمركز جيش الملك الهرمزي في المناطق الساحلية من ظفار حيث قاموا بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسلب ما في أيديهم، وحملت تلك الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق على السفن، وأمر الملك الهرمزي ثلث جيشه بمرافقة هذه السفينة على أن يسبقوه إلى قلهات لكي يجتمع جيشه هناك، أما هو ومن بقى معه من جيشه فتوغلوا إلى الداخل قاصدين داخلية عُمان عن طريق البر
وتشير بعض المصادر العُمانية إلى تعدد علاقات النباهنة بالقوى الخارجية وخصوصا العلاقات السياسية التي بدت أكثر وضوحاً من خلال تبادل الزيارات مع البلاد المجاورة وخصوصاً في منطقة الخليج وشرق أفريقيا وبعض الممالك الآسيوية
ووفقا لرواية الستالي شاعر ملوك بني نبهان الذي أشار إلى علاقات النباهنة بشرق أفريقيا أثناء زيارته إليها ويبدوا أن علاقة حكام النباهنة بالممالك الأفريقية كانت وثيقة لدرجة أنه امتدح ثلاثة من الحكام الأفارقة وهم سبخت بن علي وبختان واسحق بن عمر
وعلى الرغم من كل ذلك فان عصر النباهنة يبقى فترة زمنية لم تكشف كل تفاصيلها بعد إلا أن بعض المعلومات المتناثرة قد قدمت صورة لا بأس بها لطبيعية العلاقات بين النباهنة وشرق أفريقيا
والمعروف أن علاقة عُمان بشرق أفريقيا علاقة قديمة، خاصة العلاقات التجارية بين الطرفين وكان العُمانيون يلجأون إلى هذه المنطقة عندما تجبرهم الظروف على ترك وطنهم سواء كانت تلك الظروف اقتصادية، نتيجة للقحط والأزمات الاقتصادية أو سياسة كلجوء الزعماء والأمراء مثلما حدث لسعيد وسليمان ابني عباد بن عبد بن الجلندى فرارا من اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفي، أو اجتماعية نتيجة للحروب القبلية والثورات التي دفعت بعضهم إلى الفرار إلى شرق أفريقيا خوفاً على حياتهم، ولذا كان استيطان العُمانيين لشرق أفريقيا ظاهرة قديمة ومستديمة
أما علاقة ملوك بني نبهان بشرق أفريقيا، ونزوحهم إليها وإقامتهم مملكة نبهانية في بات فمن المرجح أن يكون هذا الأمر قد تم في عهد الملك النبهاني مظفر بن سليمان بن مظفر بن نبهان أو في عهد ابنه سليمان بن مظفر – والد الملك الشاعر سليمان بن سليمان، الذي رحل عن عُمان بعد إقصائه عن الحكم على يد الملك الهرمزي نورشاه بن لقمة كما سبق القول، ولجأ إلى مملكة بات وتزوج هناك من ابنة ملكها المدعو اسحق ثم انتقل الحكم إليه أما بوفاة والدها المدعو اسحق، أو بتنازل الأخير عن الحكم طواعية لابنته ثم لزوجها