قصتي مع الرجل الايطالي
أراد الله ان اتقابل معه في احد المناطق السياحية في جدة عندما كانت زوجته تحاضر في قاعة مغلقة للنساء وأراد ان يكلمني ويحكيني قصته فقد كان حريصا على إبلاغي بها وباختصار شديد قال لي أريد أن أخبرك قصتي وكان يتكلم العربية المكسرة مع الإنجليزية المختلطة بالإيطالية.
وبما أنني أفهم واتحدث الانجليزية بطلاقة مع بعض الإيطالية بفضل الله لم أواجه أي مشكلة في استيعاب ما يقول ...
عندما بدء قصته شعرت بقشعريرة سرت في جسدي حيث قال لي قصة أعتقد بأنني سأكون مخطئا أن لم أبلغها للناس وقد أوصاني بإبلاغها فاستمعوا لما يقول (انقلها لكم على لسانه):
يقول كنت شابا أجوب شوارع ميلانو (بلد ايطالية صناعية شهيرة) ألبس الحلق في أذني اليسرى وأفعل المحرمات بأشكالها وألوانها و أشرب الخمر إلى أن جاء ذلك اليوم الذي بدل حياتي رأسا على عقب....
يتابع حديثه قائلا عملت في مصنع للملابس و كان اسمي مركبا بالإيطالية يظن السامع به أنني من أصل بوسني ,وفي ذات مرة ناداني رئيسي في العمل وهو مخمور كعادته إلا أنه في هذه المرة أخذ يسب ويشتم المسلمين و ينظر إلي يعتقد أنني مسلم و هو لا يدرك بسبب سكرته انني مثله لا صلة لي بالبوسنيين ولا بالإسلام ولكن كنت أسمع واقرأ عنهم للثقافة العامة فقط ثم ....قال لي (أنتم يأيها المسلمون كنتم في يوم من الأيام أسياد هذا العالم أما اليوم فأنتم عبيد لنا وتعملون عند أقدامنا )
لا ادري ماالذي حصل لي و انا أستمع الى ذلك الحاقد علي وهو ثمل نجس يفرغ شحناته المريضة ... .
لقد شعرت و كأن الدم يفور في عروقي فقد كان طبعي عصبيا و لم أدر بماذا أجيب وقتها.
لقد فاجأني فاحببت ان استفزه بقولي و لم ادر إلا و لسان حالي يقول له لا شعوريا: (هل تعرف محمدا؟) قال: ماذا تريد تكلم بسرعة. قلت: (عندما كان المسلمون متمسكين بكتاب الله ويطبقون أحكامه كانوا يسودون العالم ولكن بعد أن تركوه ولم يطبقوا مافيه من تعاليم ساد الفساد و الانحراف العالم و الآن أنا سأخرج من مكتبك تعرف لماذا؟؟ .....نظر الي مندهشا غاضبا وهو يقول لماذا؟....
( قلت سأذهب لأشتري قرآنا مترجما للغة الإيطالية حتى أقرأه و أطبق مافيه و أرجع اليك فأدوسك تحت قدمي)
....خرجت من مكتبه و قد ألجمت المفاجأه لسانه ....وطبعا طردني من العمل.
ذهبت الى غرفة سكني المشتركة مع زملاء لي و دخلت الحمام غسلت وجهي وأنا أبكي بكاء حارقا مؤلما فقد كنت أعاني من قلة المال والحيلة وفقر شديد، خرجت من الحمام ثم سجدت منهارا على الأرض و أنا أبكي حتى ظن من معي في الغرفة بأنني قد أصبت بالجنون....... ولم أكن أعلم حينها أن تلك كانت بداية هدايتي في رحلتي المثيرة مع الإسلام ..
يتابع قوله:
بعد أن سجدت باكيا سرت في جسدي قشعريرة و راحة لم أشعر بها في حياتي و خرجت من ذلك البيت متوجها إلى المركز الثقافي الإسلامي بمدينة ميلانو حيث استقبلت بحفاوة و حب ، وأشهرت إسلامي فورا لعلي أجد حلا لمشكلتي وفقري ثم خرجت أنا ورجلين من المركز الإسلامي و توجهنا إلى إحدى الحدائق العامة نتبادل أطراف الحديث عن الإسلام.
كان الجو غائما باردا شديد البرودة وبينما نحن في الحديقة نمشي إذ دخل وقت صلاة الظهر فذهبنا إلى أحد ينابيع المياه داخل تجويف في أحد الأشجار وقام أحدهم بتعليمي الوضوء و كان الماء باردا جدا إلا أنني كنت مستمتعا بالبرودة و كان تحت الشجرة ذاتها اثنان من العشاق مسترخيان تحت ذات الشجرة و لما رأوا طريقة اغتسالي بالماء وغسل قدمي في ذلك الجو البارد توقفا عما كانا يفعلانه و أذكر علامات الذهول على وجوههم .
..ثم سألني الرجل بتطفل خجول ماذا تفعل إن الجو بارد ...
فقلت هكذا يجب أن نتطهر لنتعبد ونقابل خالق الكون و نصلي له ....ثم أذّن صاحبي المرافق لي أذان الظهر و أقمنا الصلاة في داخل الحديقة وسط ذهول الموجودين ... ووالله ما أن انتهينا من الصلاة حتى كان عددنا عشرون رجلا حيث تصادف وجود مجموعة من المسلمين العرب في الحديقة نفسها
.
ولكن المفاجأة...!!!!
أنه ما أن انتهينا من الصلاة حتى وقف ضابط إيطالي يبدو أن عمره في الخمسينات كان واقفا يراقبنا بكامل زيه العسكري ثم تقدم و اقترب من الإمام الذي صلى بنا بعد انتهائنا من الصلاة و كنت استمع جالسا للمحادثة.
فسأل الضابط بتعجب ماذا تفعلون؟
فأجاب صديقي الإمام نصلي لله تعالى
قال الضابط وما هذا الدين؟
قال الإمام: الاسلام
قال بتعجب بالغ (الإسلام! ولكن الإسلام دين سفك دماء وإرهاب وقتل
رد الإمام بكل هدوء و ثبات...ليس كذلك بل الإسلام دين محبة و دين سلام
ثم استأذناه قائمين لننصرف.....
فقال الضابط بصوت كأنه ينادينا فيه: وكيف يمكن لشخص أن يكون مسلما؟
قال الإمام ببساطه يذهب إلى المركز الإسلامي يعلن إسلامه
قال الضابط: أريد أن أدخل في هذا الدين
قال الامام لماذا؟ ظنه يستهزىء فأحب أن يختبره
فقال الضابط (نحن نعلم الطلاب الملتحقين بالجيش ست سنوات كيف ينضبطون في صف واحد و يتحركون سويا بإتقان و انتم خلال خمس ثوان اصطف عشرون رجلا لا تعرفون بعضكم و تتبعتم إمامكم بكل دقة وانضباط...أشهد ان الذي علمكم هذا ليس بشرا بل لابد أن يكون رب هذا الكون المستحق للعبادة.
اقشعر جسدي و أنا أستمع من الرجل الإيطالي قصته فقلت له أكمل فقال:
ذلك الضابط الآن اسمه "عبدالرحمن" أسلم و حسن إسلامه و إذا أردت أن أخبرك عن مكانه الآن اقول لك هو في مترو الأنفاق لقد تقاعد من الجيش واستلم مستحقاته ومن بينها بطاقة مجانية للمواصلات يدخل المترو المكتظ بالناس من الصباح إلى المساء و قد أطلق لحيته البيضاء و استدار وجهه كأنه البدر ثم يقول للجالسين بالقطار و باللغة العربية التي حفظ منها كلمته المعتادة قائلا "أشهد أن الله حق وأن محمدا صلى الله عليه وسلم حق و أن الجنة حق و أن النار حق وأن يوم القيامة حق" ثم يسرد المواعظ باللغة الإيطالية فيخرج معه عند الوصول إلى محطة النزول عشرة إلى خمسة عشرة شخصا يشهرون إسلامهم فيما بعد وهذا حاله منذ أن أعلن إسلامه يوميا....
يتابع الإيطالي مسردا لي القصص العجيبة التي رآها وسمعها بنفسه
فيقول:
وفي احد الأيام و بينما أنا في المركز الإسلامي في ايطاليا إذ تقابلت مع رجل شاب ايطالي أعطاه الله من جمال الشكل والوسامة الشيء الكثير ملتحيا يتلألأ وجهه نورا اسمه احمد فسألته عن أحواله و من أي المدن هو فأخذ يسرد لي قصته ويقول عن نفسه احمد:
كنت أعيش في مدينة ميلانو عمري لم يتجاوز الثالثة و العشرين أعيش في الظلام ورثت عن والدي المتوفى مبالغ كبيرة جدا وقصورا و مصانع وسيارات فارهة حتى كنا نعد من العائلات ذات الثراء الفاحش في إيطاليا لم يكن يعيش في القصر معي سوى أمي و أختي.
كنت لا أترك يوما من عمري بدون عشيقة وخمر ومخدرات منذ اللحظة التي أستيقظ فيها وحتى أنام فأدمنت المخدرات بكل أصنافها و أنواعها
كنت إذا رجعت القصر على هذه الحالة وأجد أمي أمامي أقوم بضربها ضربا شديدا وأدخل الى غرفتي و أنام وكان هذا حالي معها كل يوم تقريبا حتى أنها أصبحت تختبئ مني حتى أفيق...
كنت إذا خرجت من باب قصري بسيارتي الفارههة أجد عند باب قصري اكثر من أحد عشرة فتاة من أجمل الجميلات ينتظرنني ليركبن معي وأتسلى بمن يقع عليها الاختيار في ذلك اليوم ثم أبدلها باخرى في اليوم التالي ....
ومع ذلك لم أشعر بالسعادة يوما حتى أنني كنت أشعر بضيق شديد يعتصر صدري كنت عابس الوجه غليظا شديد العصبية خرجت في أحد الأيام إلى أحد المقاهي في فترة الظهيرة و لم أرغب في اصطحاب أي من الفتيات معي واشتريت جريدة وطلبت كوبا من القهوة وجلست أقرأ في المقهى على طريق المشاة.
فإذا أنا برجل يقف بهدوء خلف كتفي وأنا لا ألتفت إليه يسألني مبلغ مئة ليرة إيطالية و يقول أريدها دينا ارجعه لك بعد شهر (والمئة ليرة إيطالية لا تساوي شيئا يذكر تقريبا عشرة ريالات سعودي أو أقل )
يقول فأخرجتها من جيبي ورفعت يدي إلى الخلف دون النظر إليه وطلبت منه الانصراف لأنني لا أحب المتسولين فلم أكن أطيق النظر إليهم.
واستمريت على حالي هذا و بعد شهر تقريبا كنت في ذات المقهى أحتسي قهوتي كعادتي وإذا بذلك الرجل يعود إلي ويضع يده على كتفي مرة أخرى فالتفت إليه وكان كبيرا ذو لحية بيضاء وجرى بيني وبينه الحوار التالي:
أحمد: ماذا تريد؟
الرجل: قد استلفت منك مبلغا من المال مئة ليرة قبل شهر ألا تذكر وهذا هو المبلغ أرجعه إليك في الموعد (وأخرج لي مئة ليرة )
احمد: (بغضب شديد) هل أنت مجنون ...أيها الغبي....أنت تعلم أن من يأخذ هذا المبلغ الزهيد لا يرجعه ولو كان دينا.
الرجل: (بكل هدؤ وثبات) ولكن ديني أمرني إذا أخذت أو استلفت شيئا أن أرجعه مهما كان صغيرا.
أحمد غاضبا: ....ومادينك هذا؟
الرجل: الإسلام
احمد: الاسلام !!!! ولكن الإسلام دين قتل وإراقة دماء وإرهاب وتخلف
الرجل: بل الإسلام منهج حياة وسعادة لمن أحسن تطبيقه بطريقة صحيحة
يقول أحمد.... سمعت كلمة.... سعادة ....من ذلك الرجل الذي شابت لحيته و رق ثوبه وعلى وجهه ابتسامه تمنيتها ملكي وقلت في نفسي لا بأس
سأدفع مالي كله من أجل لحظة أشعر بما يشعر به هذا المسكين من سعادة و رضا ورأيت في يده ورقة مطوية فسألته ماهذا الذي في يدك...
قال بعض الكلمات عن الاسلام ...فأخذتها من يده و قلت هل تسمح لي بقراءتها قال الرجل بل هي لك.. ثم ذهب ولم يلتفت إلي ...
فناديته ثم قلت له هل تسكن قريبا من هنا؟
قال نعم.......... قلت هذه المطوية صغيرة جدا أريد أكثر لأقرأ
قال الرجل سأحضر لك كل يوم في هذا المكان مطوية جديدة عن الإسلام و أنت تشرب قهوتك...
وأخذ أحمد يحرص على ارتياد ذلك المقهى ليقرأ المطوية.
كان ذلك الرجل حريصا على الحضور للمقهى بالمطوية وفي الوقت المحدد.
بعد أن قرأت عشر مطويات تقريبا شرح الله صدري للإسلام وأتيت للمركز الإسلامي وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وغيرت اسمي إلى أحمد و بدأت أتعلم الدين الإسلامي وتطبيق منهجه ...
بدأت أمي تلاحظ التغير الذي حصل لي، أصبحت عندما أدخل القصر أذهب إلى غرفتي مباشرة دون أن أضربها بل العكس أصبحت أقبلها إذا رأيتها .....فاستوقفتني مرة وهي خائفة حذرة وقالت لي ما الذي جرى لك يا بني ؟
وهي ترى آثار لحيتي بدأت تظهر على وجهي ...قلت مابك يا أمي لماذا أنتي خائفة؟ ...قالت: كنت يا بني إذا دخلت إلى البيت تضربني و الآن أنت تقبلني على يدي ورأسي و لك أيام على ذلك فهل حصل لك شيء؟؟ ..
قال أحمد : نعم لقد دخلت في دين الإسلام
قالت : وهل أمرك هذا الدين بتقبيلي .
قال أحمد: نعم وأمرني بالإحسان اليك.
قالت أمي مباشرة: أريد أن أدخل في هذا الدين
وأسلمت أمي واستبدلت الصليب المعلق على حائط غرفتي بلفظ الجلالة واشتريت مصحفا مترجما للغة الإيطالية ووضعته في غرفتي وفي أحد الأيام وبينما أنا أهم بالدخول إلى غرفتي إذا بي أفاجأ... بأختي قد دخلت وجلست وبين يديها المصحف المترجم تقرأه في ذهول عجيب وتركتها ولم أشعرها برؤيتي لها حتى أسلمت بنفسها دون أن أتكلم بكلمة.
ومن العجائب التي حدثت لي أنه بمجرد أن أعلنت إسلامي واغتسلت و بدأت بتطبيق شعائر الإسلام ذهب عني إدماني للمخدرات فورا بدون مستوصفات أو مستشفيات أوعيادات نفسية فعلمت أن الإسلام يغسل ما قبله و يمسح كل مافات فزاد يقيني و تمسكي بالله ....
ثم يقول أحمد غاضبا وبنبرة صوت جادة: لقد أضعت من عمري سنين في الملذات والشهوات والكفر بالله وأعداء الدين ينصبون المكائد بأهل الاسلام و يحاربون دين الله و يثيرون الفتن و يفترون على الله الكذب وإني أشهد الله الذي لا إله إلا هو وبما علمت من الحق لأسلطن أموالي كلها وما بقي لي من حياة لنشر هذا الدين في إيطاليا ولو كره الكافرون ...وكان هذا آخر كلامه معي قبل أن نفترق فسبحان من أبدل قلبه في لحظة صدق.
تابع الرجل الايطالي حديثه لي بعد أن سرد لي القصص السابقة ثم أخذ يكمل قصة حياته بعد هدايته حيث تزوج من فتاة شابة إيطالية من أصل بوسني ولم يكن صعبا عليه إقناعها بالالتزام فقد كانت مهيئة وتعرف بعضا من اللغة العربية ودأب هو وهي على خدمة الدين حيث قاما بإنشاء مركز جديد لتعليم الإسلام للصغار في إيطاليا عبر ما يسمى دور رعاية الأطفال المسلمين وكان الإقبال عليهم عظيما حتى من الجاليات غير المسلمة ثم أنجبا ثلاثة أبناء وابنتين كلهم حفظة لكتاب الله تعالى ....
ثم قطع حديثه وقال: أتريد أن أسمعك بعضا مما يحفظون فقلت تفضل ونادى أبناءه ثم أوقفهم لي كأنهم في طابور الصباح يتلون القرآن واحدا بعد الآخر و هم يجيدون تقليد الشيخ الحذيفي و الشيخ بصفر وكان أصغرهم يبلغ من العمر ست سنوات يتلو القرآن صحيحا مجودا حتى أنني استعجبت من ذلك
ولكن لا عجب من نور الله إذا استفاض في قلوب من كتبت لهم الهداية .....
تلك قصتي مع ذلك الرجل ولي فيها وقفات وعبر ولنعلم أننا اذا تركنا التمسك بديننا فان سنة الله الكونية تقتضي تبديلنا بمن يحسن حمل لواء تطبيق الشريعة فلنتعاون ولنجتمع على كلمة واحدة لنيل رضا الله يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أراد الله ان اتقابل معه في احد المناطق السياحية في جدة عندما كانت زوجته تحاضر في قاعة مغلقة للنساء وأراد ان يكلمني ويحكيني قصته فقد كان حريصا على إبلاغي بها وباختصار شديد قال لي أريد أن أخبرك قصتي وكان يتكلم العربية المكسرة مع الإنجليزية المختلطة بالإيطالية.
وبما أنني أفهم واتحدث الانجليزية بطلاقة مع بعض الإيطالية بفضل الله لم أواجه أي مشكلة في استيعاب ما يقول ...
عندما بدء قصته شعرت بقشعريرة سرت في جسدي حيث قال لي قصة أعتقد بأنني سأكون مخطئا أن لم أبلغها للناس وقد أوصاني بإبلاغها فاستمعوا لما يقول (انقلها لكم على لسانه):
يقول كنت شابا أجوب شوارع ميلانو (بلد ايطالية صناعية شهيرة) ألبس الحلق في أذني اليسرى وأفعل المحرمات بأشكالها وألوانها و أشرب الخمر إلى أن جاء ذلك اليوم الذي بدل حياتي رأسا على عقب....
يتابع حديثه قائلا عملت في مصنع للملابس و كان اسمي مركبا بالإيطالية يظن السامع به أنني من أصل بوسني ,وفي ذات مرة ناداني رئيسي في العمل وهو مخمور كعادته إلا أنه في هذه المرة أخذ يسب ويشتم المسلمين و ينظر إلي يعتقد أنني مسلم و هو لا يدرك بسبب سكرته انني مثله لا صلة لي بالبوسنيين ولا بالإسلام ولكن كنت أسمع واقرأ عنهم للثقافة العامة فقط ثم ....قال لي (أنتم يأيها المسلمون كنتم في يوم من الأيام أسياد هذا العالم أما اليوم فأنتم عبيد لنا وتعملون عند أقدامنا )
لا ادري ماالذي حصل لي و انا أستمع الى ذلك الحاقد علي وهو ثمل نجس يفرغ شحناته المريضة ... .
لقد شعرت و كأن الدم يفور في عروقي فقد كان طبعي عصبيا و لم أدر بماذا أجيب وقتها.
لقد فاجأني فاحببت ان استفزه بقولي و لم ادر إلا و لسان حالي يقول له لا شعوريا: (هل تعرف محمدا؟) قال: ماذا تريد تكلم بسرعة. قلت: (عندما كان المسلمون متمسكين بكتاب الله ويطبقون أحكامه كانوا يسودون العالم ولكن بعد أن تركوه ولم يطبقوا مافيه من تعاليم ساد الفساد و الانحراف العالم و الآن أنا سأخرج من مكتبك تعرف لماذا؟؟ .....نظر الي مندهشا غاضبا وهو يقول لماذا؟....
( قلت سأذهب لأشتري قرآنا مترجما للغة الإيطالية حتى أقرأه و أطبق مافيه و أرجع اليك فأدوسك تحت قدمي)
....خرجت من مكتبه و قد ألجمت المفاجأه لسانه ....وطبعا طردني من العمل.
ذهبت الى غرفة سكني المشتركة مع زملاء لي و دخلت الحمام غسلت وجهي وأنا أبكي بكاء حارقا مؤلما فقد كنت أعاني من قلة المال والحيلة وفقر شديد، خرجت من الحمام ثم سجدت منهارا على الأرض و أنا أبكي حتى ظن من معي في الغرفة بأنني قد أصبت بالجنون....... ولم أكن أعلم حينها أن تلك كانت بداية هدايتي في رحلتي المثيرة مع الإسلام ..
يتابع قوله:
بعد أن سجدت باكيا سرت في جسدي قشعريرة و راحة لم أشعر بها في حياتي و خرجت من ذلك البيت متوجها إلى المركز الثقافي الإسلامي بمدينة ميلانو حيث استقبلت بحفاوة و حب ، وأشهرت إسلامي فورا لعلي أجد حلا لمشكلتي وفقري ثم خرجت أنا ورجلين من المركز الإسلامي و توجهنا إلى إحدى الحدائق العامة نتبادل أطراف الحديث عن الإسلام.
كان الجو غائما باردا شديد البرودة وبينما نحن في الحديقة نمشي إذ دخل وقت صلاة الظهر فذهبنا إلى أحد ينابيع المياه داخل تجويف في أحد الأشجار وقام أحدهم بتعليمي الوضوء و كان الماء باردا جدا إلا أنني كنت مستمتعا بالبرودة و كان تحت الشجرة ذاتها اثنان من العشاق مسترخيان تحت ذات الشجرة و لما رأوا طريقة اغتسالي بالماء وغسل قدمي في ذلك الجو البارد توقفا عما كانا يفعلانه و أذكر علامات الذهول على وجوههم .
..ثم سألني الرجل بتطفل خجول ماذا تفعل إن الجو بارد ...
فقلت هكذا يجب أن نتطهر لنتعبد ونقابل خالق الكون و نصلي له ....ثم أذّن صاحبي المرافق لي أذان الظهر و أقمنا الصلاة في داخل الحديقة وسط ذهول الموجودين ... ووالله ما أن انتهينا من الصلاة حتى كان عددنا عشرون رجلا حيث تصادف وجود مجموعة من المسلمين العرب في الحديقة نفسها
.
ولكن المفاجأة...!!!!
أنه ما أن انتهينا من الصلاة حتى وقف ضابط إيطالي يبدو أن عمره في الخمسينات كان واقفا يراقبنا بكامل زيه العسكري ثم تقدم و اقترب من الإمام الذي صلى بنا بعد انتهائنا من الصلاة و كنت استمع جالسا للمحادثة.
فسأل الضابط بتعجب ماذا تفعلون؟
فأجاب صديقي الإمام نصلي لله تعالى
قال الضابط وما هذا الدين؟
قال الإمام: الاسلام
قال بتعجب بالغ (الإسلام! ولكن الإسلام دين سفك دماء وإرهاب وقتل
رد الإمام بكل هدوء و ثبات...ليس كذلك بل الإسلام دين محبة و دين سلام
ثم استأذناه قائمين لننصرف.....
فقال الضابط بصوت كأنه ينادينا فيه: وكيف يمكن لشخص أن يكون مسلما؟
قال الإمام ببساطه يذهب إلى المركز الإسلامي يعلن إسلامه
قال الضابط: أريد أن أدخل في هذا الدين
قال الامام لماذا؟ ظنه يستهزىء فأحب أن يختبره
فقال الضابط (نحن نعلم الطلاب الملتحقين بالجيش ست سنوات كيف ينضبطون في صف واحد و يتحركون سويا بإتقان و انتم خلال خمس ثوان اصطف عشرون رجلا لا تعرفون بعضكم و تتبعتم إمامكم بكل دقة وانضباط...أشهد ان الذي علمكم هذا ليس بشرا بل لابد أن يكون رب هذا الكون المستحق للعبادة.
اقشعر جسدي و أنا أستمع من الرجل الإيطالي قصته فقلت له أكمل فقال:
ذلك الضابط الآن اسمه "عبدالرحمن" أسلم و حسن إسلامه و إذا أردت أن أخبرك عن مكانه الآن اقول لك هو في مترو الأنفاق لقد تقاعد من الجيش واستلم مستحقاته ومن بينها بطاقة مجانية للمواصلات يدخل المترو المكتظ بالناس من الصباح إلى المساء و قد أطلق لحيته البيضاء و استدار وجهه كأنه البدر ثم يقول للجالسين بالقطار و باللغة العربية التي حفظ منها كلمته المعتادة قائلا "أشهد أن الله حق وأن محمدا صلى الله عليه وسلم حق و أن الجنة حق و أن النار حق وأن يوم القيامة حق" ثم يسرد المواعظ باللغة الإيطالية فيخرج معه عند الوصول إلى محطة النزول عشرة إلى خمسة عشرة شخصا يشهرون إسلامهم فيما بعد وهذا حاله منذ أن أعلن إسلامه يوميا....
يتابع الإيطالي مسردا لي القصص العجيبة التي رآها وسمعها بنفسه
فيقول:
وفي احد الأيام و بينما أنا في المركز الإسلامي في ايطاليا إذ تقابلت مع رجل شاب ايطالي أعطاه الله من جمال الشكل والوسامة الشيء الكثير ملتحيا يتلألأ وجهه نورا اسمه احمد فسألته عن أحواله و من أي المدن هو فأخذ يسرد لي قصته ويقول عن نفسه احمد:
كنت أعيش في مدينة ميلانو عمري لم يتجاوز الثالثة و العشرين أعيش في الظلام ورثت عن والدي المتوفى مبالغ كبيرة جدا وقصورا و مصانع وسيارات فارهة حتى كنا نعد من العائلات ذات الثراء الفاحش في إيطاليا لم يكن يعيش في القصر معي سوى أمي و أختي.
كنت لا أترك يوما من عمري بدون عشيقة وخمر ومخدرات منذ اللحظة التي أستيقظ فيها وحتى أنام فأدمنت المخدرات بكل أصنافها و أنواعها
كنت إذا رجعت القصر على هذه الحالة وأجد أمي أمامي أقوم بضربها ضربا شديدا وأدخل الى غرفتي و أنام وكان هذا حالي معها كل يوم تقريبا حتى أنها أصبحت تختبئ مني حتى أفيق...
كنت إذا خرجت من باب قصري بسيارتي الفارههة أجد عند باب قصري اكثر من أحد عشرة فتاة من أجمل الجميلات ينتظرنني ليركبن معي وأتسلى بمن يقع عليها الاختيار في ذلك اليوم ثم أبدلها باخرى في اليوم التالي ....
ومع ذلك لم أشعر بالسعادة يوما حتى أنني كنت أشعر بضيق شديد يعتصر صدري كنت عابس الوجه غليظا شديد العصبية خرجت في أحد الأيام إلى أحد المقاهي في فترة الظهيرة و لم أرغب في اصطحاب أي من الفتيات معي واشتريت جريدة وطلبت كوبا من القهوة وجلست أقرأ في المقهى على طريق المشاة.
فإذا أنا برجل يقف بهدوء خلف كتفي وأنا لا ألتفت إليه يسألني مبلغ مئة ليرة إيطالية و يقول أريدها دينا ارجعه لك بعد شهر (والمئة ليرة إيطالية لا تساوي شيئا يذكر تقريبا عشرة ريالات سعودي أو أقل )
يقول فأخرجتها من جيبي ورفعت يدي إلى الخلف دون النظر إليه وطلبت منه الانصراف لأنني لا أحب المتسولين فلم أكن أطيق النظر إليهم.
واستمريت على حالي هذا و بعد شهر تقريبا كنت في ذات المقهى أحتسي قهوتي كعادتي وإذا بذلك الرجل يعود إلي ويضع يده على كتفي مرة أخرى فالتفت إليه وكان كبيرا ذو لحية بيضاء وجرى بيني وبينه الحوار التالي:
أحمد: ماذا تريد؟
الرجل: قد استلفت منك مبلغا من المال مئة ليرة قبل شهر ألا تذكر وهذا هو المبلغ أرجعه إليك في الموعد (وأخرج لي مئة ليرة )
احمد: (بغضب شديد) هل أنت مجنون ...أيها الغبي....أنت تعلم أن من يأخذ هذا المبلغ الزهيد لا يرجعه ولو كان دينا.
الرجل: (بكل هدؤ وثبات) ولكن ديني أمرني إذا أخذت أو استلفت شيئا أن أرجعه مهما كان صغيرا.
أحمد غاضبا: ....ومادينك هذا؟
الرجل: الإسلام
احمد: الاسلام !!!! ولكن الإسلام دين قتل وإراقة دماء وإرهاب وتخلف
الرجل: بل الإسلام منهج حياة وسعادة لمن أحسن تطبيقه بطريقة صحيحة
يقول أحمد.... سمعت كلمة.... سعادة ....من ذلك الرجل الذي شابت لحيته و رق ثوبه وعلى وجهه ابتسامه تمنيتها ملكي وقلت في نفسي لا بأس
سأدفع مالي كله من أجل لحظة أشعر بما يشعر به هذا المسكين من سعادة و رضا ورأيت في يده ورقة مطوية فسألته ماهذا الذي في يدك...
قال بعض الكلمات عن الاسلام ...فأخذتها من يده و قلت هل تسمح لي بقراءتها قال الرجل بل هي لك.. ثم ذهب ولم يلتفت إلي ...
فناديته ثم قلت له هل تسكن قريبا من هنا؟
قال نعم.......... قلت هذه المطوية صغيرة جدا أريد أكثر لأقرأ
قال الرجل سأحضر لك كل يوم في هذا المكان مطوية جديدة عن الإسلام و أنت تشرب قهوتك...
وأخذ أحمد يحرص على ارتياد ذلك المقهى ليقرأ المطوية.
كان ذلك الرجل حريصا على الحضور للمقهى بالمطوية وفي الوقت المحدد.
بعد أن قرأت عشر مطويات تقريبا شرح الله صدري للإسلام وأتيت للمركز الإسلامي وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وغيرت اسمي إلى أحمد و بدأت أتعلم الدين الإسلامي وتطبيق منهجه ...
بدأت أمي تلاحظ التغير الذي حصل لي، أصبحت عندما أدخل القصر أذهب إلى غرفتي مباشرة دون أن أضربها بل العكس أصبحت أقبلها إذا رأيتها .....فاستوقفتني مرة وهي خائفة حذرة وقالت لي ما الذي جرى لك يا بني ؟
وهي ترى آثار لحيتي بدأت تظهر على وجهي ...قلت مابك يا أمي لماذا أنتي خائفة؟ ...قالت: كنت يا بني إذا دخلت إلى البيت تضربني و الآن أنت تقبلني على يدي ورأسي و لك أيام على ذلك فهل حصل لك شيء؟؟ ..
قال أحمد : نعم لقد دخلت في دين الإسلام
قالت : وهل أمرك هذا الدين بتقبيلي .
قال أحمد: نعم وأمرني بالإحسان اليك.
قالت أمي مباشرة: أريد أن أدخل في هذا الدين
وأسلمت أمي واستبدلت الصليب المعلق على حائط غرفتي بلفظ الجلالة واشتريت مصحفا مترجما للغة الإيطالية ووضعته في غرفتي وفي أحد الأيام وبينما أنا أهم بالدخول إلى غرفتي إذا بي أفاجأ... بأختي قد دخلت وجلست وبين يديها المصحف المترجم تقرأه في ذهول عجيب وتركتها ولم أشعرها برؤيتي لها حتى أسلمت بنفسها دون أن أتكلم بكلمة.
ومن العجائب التي حدثت لي أنه بمجرد أن أعلنت إسلامي واغتسلت و بدأت بتطبيق شعائر الإسلام ذهب عني إدماني للمخدرات فورا بدون مستوصفات أو مستشفيات أوعيادات نفسية فعلمت أن الإسلام يغسل ما قبله و يمسح كل مافات فزاد يقيني و تمسكي بالله ....
ثم يقول أحمد غاضبا وبنبرة صوت جادة: لقد أضعت من عمري سنين في الملذات والشهوات والكفر بالله وأعداء الدين ينصبون المكائد بأهل الاسلام و يحاربون دين الله و يثيرون الفتن و يفترون على الله الكذب وإني أشهد الله الذي لا إله إلا هو وبما علمت من الحق لأسلطن أموالي كلها وما بقي لي من حياة لنشر هذا الدين في إيطاليا ولو كره الكافرون ...وكان هذا آخر كلامه معي قبل أن نفترق فسبحان من أبدل قلبه في لحظة صدق.
تابع الرجل الايطالي حديثه لي بعد أن سرد لي القصص السابقة ثم أخذ يكمل قصة حياته بعد هدايته حيث تزوج من فتاة شابة إيطالية من أصل بوسني ولم يكن صعبا عليه إقناعها بالالتزام فقد كانت مهيئة وتعرف بعضا من اللغة العربية ودأب هو وهي على خدمة الدين حيث قاما بإنشاء مركز جديد لتعليم الإسلام للصغار في إيطاليا عبر ما يسمى دور رعاية الأطفال المسلمين وكان الإقبال عليهم عظيما حتى من الجاليات غير المسلمة ثم أنجبا ثلاثة أبناء وابنتين كلهم حفظة لكتاب الله تعالى ....
ثم قطع حديثه وقال: أتريد أن أسمعك بعضا مما يحفظون فقلت تفضل ونادى أبناءه ثم أوقفهم لي كأنهم في طابور الصباح يتلون القرآن واحدا بعد الآخر و هم يجيدون تقليد الشيخ الحذيفي و الشيخ بصفر وكان أصغرهم يبلغ من العمر ست سنوات يتلو القرآن صحيحا مجودا حتى أنني استعجبت من ذلك
ولكن لا عجب من نور الله إذا استفاض في قلوب من كتبت لهم الهداية .....
تلك قصتي مع ذلك الرجل ولي فيها وقفات وعبر ولنعلم أننا اذا تركنا التمسك بديننا فان سنة الله الكونية تقتضي تبديلنا بمن يحسن حمل لواء تطبيق الشريعة فلنتعاون ولنجتمع على كلمة واحدة لنيل رضا الله يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.