( شعار احرار العراق يسقط اقنعة التفاوض )
يبدو ان الشعار الذي رفعه احرار العراق لم يرعب الطغمة الفاسدة العميلة التي جاءت على ظهور الدبابات الامريكية فحسب بل ارعب المندسين والمتسترين من العملاء والخونة الذين يريدون ان يبيعوا العراق بذريعة التفاوض مع حكومة الاحتلال ، مع انه بات واضحا لدى الجاهل قبل العالم والصغير قبل الكبير بان هذه الحكومة وعمليتها السياسية زائلة لا محالة وان سقوطها امر محسوم.
لقد كنا نعرف مسبقا ان شعار ( قادمون يا بغداد ) الذي رفعته انتفاضة احرار العراق سيرعب الطغاة وسيكشف المتاجرين بالتظاهرات والراكبين موجتها والمتشدقين بمطاليبها ويأبى الله الا ان يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.
وما ان اقتربت ما يسمى بالانتخابات المحلية الممهدة للانتخابات البرلمانية حتى رأينا وسمعنا هولاء المتسترين يغيرون من نبرتهم ويخفضون اصواتهم عندما يتكلمون عن الحكومة ويلينون السنتهم عند ذكرها ويطالبون الاحرار بتخفيف لهجتهم تجاهها متناسين دماء الشهداء في الفلوجة والموصل التي سالت على ايدي مليشيات الحكومة الصفوية التي طالما استخفت بهم وتجاهلت مطاليب الشعب ولم تلبِ شيئا منها ولم ترد اليهم شيئا من حقوقهم المسلوبة.
ان التاريخ يحدثنا بان السبب الرئيسي للاخفاقات التي وقعت بها الامم والشعوب كان بسبب اصحاب الاقنعة المتعددة الذين لهم اكثر من وجه المتلونين المتقلبين الانتهازيين الغادرين او بوصفهم الصريح (المنافقين) يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون ، وقد ابتلي بهم الشعب العراقي اشد البلاء فهم الذين يصرخون على المنصات وينادون بالمطالب والحقوق في النهار ولا يمنعهم ذلك ان يكونوا جلساء القتلة ومغازليهم في الليل عبر المكالمات والمراسلات ليعودوا في النهار التالي الى هذا الشعب الجريح فيزينوا له كل قبيح وليتستروا على الصفوي اللئيم وذلك من خلال اعلان استعدادهم للتفاوض مع حكومة الاحتلال العميلة التي لم تراع فينا إلاً ولا ذمة والتي ما زالت عشرات الالاف من نساؤنا وابناءنا واخواننا يقبعون في معتقلاتها وسجونها السرية.
ان توقيت اعلان الاستعداد للتفاوض مع هذه الحكومة الصفوية جاء متناغما مع توقيت الانتخابات ليتم عبر صفقات خبيثة معروفة من اجل مواقف مدفوعة الثمن سلفا للمتاجرة بالدماء والاعراض والحقوق لا سيما بعد ان فشلوا في شق صفوف المتظاهرين في مشروعهم اللعين مشروع التقسيم والفدرالية والاقاليم.
ان الناظر الى هولاء الذين يبدون استعدادهم للتفاوض يرى انهم هم انفسهم الذين خذلوا العراقيين بالامس عند دخولهم العملية السياسية وانضمامهم الى حكومة الاحتلال العميلة ، وانهم هم انفسهم يريدون ان يخذلوا العراقيين اليوم عبر التفاوض مع الحكومة الصفوية.
ان القراءة السياسية للاحداث تقول بان المالكي لم يكن ليمني المفاوضين بالفوز بمقعد او مقعدين في الانتخابات القادمة ولم يكن ليعطي هذا الفتات ولم يكن ليتنازل ويقبل بلعبة التفاوض الصورية لولا خوفه من المتظاهرين الاحرار وثباتهم واصرارهم على تنفيذ شعارهم (قادمون يا بغداد) والذي يعني انه لا تفاوض ولا مساومة ولا هدنة على حساب القدوم الى بغداد الحبيبة التي تعاقب على احتلالها الاحتلال الامريكي والايراني.
ان صفحات التاريخ سجلت في هذه الايام من هو المتخاذل المتاجر بالقضية ومن هو الثائر الصابر وان التاريخ سيسجل ايضا من هو المفاوض المهادن المساوم ومن هو المنتفض القوي الابي.
ان هولاء الاحرار يذكروننا بما سجله التاريخ عندما سطر بحروف من نور كلمات سعد بن معاذ يوم ان حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليهود الذين نقضوا العهد ومن حول سعد من يقول له يا سعد ارفق بمواليك فقال سعد قولته الشهيرة ( آن لسعد ان لا تاخذه في الله لومة لائم ) ولاجل هذه الكلمة وهذا الموقف وهذا الثبات اهتز عرش الرحمن لموت سعد.
وعلى الرغم من وجود بعض هولاء الذين يريدون ان يركبوا موجة التظاهرات للوصول الى مآرب شخصية ومنافع ذاتية محدودة الا ان الذي يفرح القلوب ويثلج الصدور ويزيد في الهمة اننا نرى الالاف من امثال سعد بن معاذ بحيث لا تاخذهم في الله لومة لائم ، وما هذه الحركة النوعية في نقل احرار العراق خيمهم من الرمادي الى الفلوجة الا دليل على ذلك.
ان هذا التغيير في استراتيجية المتظاهرين تستحق منا وقفة لانها قلبت الاوراق على المالكي وزمرته المجرمة وافسدت عليه وعلى عملائه ما كانوا يخططون له فبدلا من ان يفرح باعلان بعض ضعاف النفوس النفعيين الدخول معه في التفاوض عبر صفقة معلومة ومكشوفة ازداد خوفا وقلقا ورعبا واضطرابا من نقل الاحرار خيمهم الى الفلوجة وانضمام العشائر العربية الاصيلة التي ترفض الضيم وتأبى الخنوع اليهم.
لقد استخفت هذه الحكومة الصفوية العميلة بالعراقيين كثيرا ، وما درت ان إبطالنا لسحرها امر هين بالنسبة لنا ، واننا لها ولعملائها بالمرصاد ، ولنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ، والله غالب على امره ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيى عن بينة ، وعندها سترتفع الاقنعة وتنكشف الوجوه ، ولات حين مندم.
الدكتور بهاء الدين العبيدي
2