رغم التنديد الذي تواجهه اسرائيل بعد كل عدوان على الفلسطينيين أو على نشطاء السلام الذين يسعون لكسر الحصار على غزة إلا أن المحصلة في النهاية غالبا ما تكون متواضعة الى حد كبير ، فقد خبا الحماس الذي رافق مجئ الرئيس الاميركي الحالي باراك أوباما الى البيت الابيض محملا بكثير من الشعارات الرنانة التي لم يتحقق منها شيء تقريبا على صعيد القضية الفلسطينية تحديدا ، بل أوباما اصبح أكثر ميلا الى دبلوماسية عدم تحديد المواقف التي تتبناها اسرائيل وداعموها في واشنطن ن فعلى نفس المستوى من الغموض الذي ورد على لسان نائبه جوزيف بايدن خلال زيارته الاخيرة لمصر بشأن حصار غزة والقضية الفلسطينية نجد تصريحات أوباما أيضا تميل نفس الميل الى غموض المصطلحات حيث تتردد العبارات نفسها "الوضع في غزة لا يحتمل" نحن نتبادل الأفكار من أجل استراتيجية بعيدة المدى لتأمين ظروف أفضل لسكان غزة ذلك في الوقت الذي نفى فيه مسؤول فلسطيني وجود أي اتفاق محدد مع الإدارة الأميركية على آلية لرفع الحصار الاسرائيلي بل لم يسفر لقاء أوباما وعباس في واشنطن أمس الأول عن أي بارقة أمل بشأن الملف الفلسطيني بكامله مما حدا بالرئيس عباس ان يبدي تشاؤمه من مسألة قيام الدولة الفلسطينية التي أكدت واشنطن مرارا انها هدف اساسي تعمل عليه الادارات الاميركية المتعاقبة وكل ما تمخض عنه لقاء عباس - اوباما هو تصريح للاخير يشبه كثيرا تصريحات سلفة (بوش الابن) حول تقدم كبير في ملف الشرق الأوسط مع تعديل في السنين حيث كان بوش قد قال إنه ملتزم بقيام الدولة الفلسطينية بنهاية عام 2005 الأمر الذي لم ير النور مطلقا بينما قال اوباما في لقائه بعباس امس الاول انه يعتبر ان من الممكن تحقيق تقدم كبير في الشرق الأوسط قبل نهاية هذا العام 2010 .
وها هي اسرائيل تزيد الأمر تعقيدا في رد واضح على تفاؤل أوباما حيث ربطت تخفيف الحصار بقضية الجندي شاليط وهو تسطيح ومراوغة لصرف الانظار عن حالة الاحتقان التي اعقبت الهجوم الاسرائيلي الدامي على قافلة الحرية في المياه الدولية مؤخرا .
ورغم أن إسرائيل كانت تعمد الى حلول بسيطة لامتصاص الغضب الدولي عقب كل عدوان مثل الإفراج عن بعض الأسرى في أداء مسرحي دعائي إلا انها هذه المرة لم تلمح من قريب او بعيد الى هذا الإجراء الذي لا يكلفها أي ثمن سياسي بينما هي تواصل اعتقال الفلسطينيين كل يوم بسبب وبدون سبب .
ويضيف هذا الفصل من فصول الصراع العربي الاسرائيلي بكل تداعياته تأكيدا جديدا الى جملة التأكيدات السابقة بأن اسرائيل لا تنصاع إلا حين تشعر بالخطر وهي لم تشعر أبدا بالخطر هذه المرة رغم بشاعة العدوان على القافلة البحرية لان هناك دائما من يرفع عقيرته بالدفاع عن العدوان الاسرائيلي تحت زعم حقها في الدفاع عن نفسها بينما لا يجد الفلسطينيون من يسمح لهم بحق الدفاع عن النفس الذي يعتبر ارهابا من وجهة نظر المنظومة الدولية حتى الان جريا على التصنيف الاسرائيلي واتفاقا معه . وهاهو الكونجرس الاميركي يستعد لاعداد بيان تأييد لإسرائيل وكأن النواب الاميركيين يريدون تشجيعها على مزيد من العدوان .
وستظل اسرائيل تشكل تهديدا خطيرا للسلام العالمي والاقليمي طالما استمرت في حالة الاستقواء بأنصارها في أروقة العواصم الغربية على جانبي الأطلسي والأمل الوحيد الآن معقود على بروز تجمع (شرقي) ضاغط تشترك فيه الدول العربية والاسلامية ومحبو السلام من الدول الرافضة للعدوان الاسرائيلي وسياسة الدعم اللامحدود للكيان الإسرائيلي من بعض الدول صاحبة المصلحة في ذلك ويتشجع المرء في اعتناق هذا الأمل مع نجاح المنظومة العربية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ادراج الترسانة النووية الاسرائيلية في جدول اعمال مجلس حكام الوكالة للمرة الأولى بعد محاولات استمرت قرابة عشرين عاما .
جريدة الوطن